بقلم Dr Leora Fox تحرير Dr Sarah Hernandez ترجمة Dr Shaimaa Ibrahim Mohamed El Jaafary

توصل فريق من العلماء مؤخراً إلى استحداث نظاماً جينياً مبتكراً حيث يمكن استخدام دواء يؤخذ عن طريق الفم للتحكم في عمل محرر/ معّدل الجينات، كتلك المستخدمة في أنظمة كريسبر. سوف ينتج عن ذلك تطبيقات مفيدة للدراسات البحثية في الخلايا والحيوانات، وربما الأهم، أنه قد يؤدي إلى تحسين ما يتعلق بسلامة ودقة العلاجات الجينية المستقبلية في البشر. يمكن تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع لدراسة الجينات والأمراض، وقد تم تطويرها من قبل باحثين ذي خبرة بداء هنتنغتون عن طريق دمج عقار خاص بالمرض. على الرغم من أن التجارب السريرية الفعلية لا تزال بعيدة المنال، إلا أن الشركة التي قامت مؤخرًا بترخيص هذه التكنولوجيا لديها اهتمامات قائمة بالفعل بداء هنتنغتون.

تحسين التحكم في العلاج الجيني

على الرغم من تحسن طرق توصيل العلاجات الجينية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلا أنه ليس من الممكن حتى الآن التحكم في سلوك تلك العلاجات بمجرد وصولها إلى أهدافها في الدماغ أو أجزاء الجسم الأخرى. فعند تعديل الجينات البشرية ، نريد أن نكون قادرين على الضبط الدقيق لبعض الأشياء بشكل مثالي كموقع التغيير الجيني ، ومقدار التغيير الذي يحدث في وقت واحد ، والقدرة على إيقاف التغيير في الخلايا المحيطة إذا ثبت أنه ضار – ويمثل هذان العنصران الأخيران تحديًا خاصاً في تحرير الجينات ، حتى الآن.

يعالج نظام مفتاح التعتيم الجيني الذي تم تطويره مؤخراً، والذي يُطلق عليه إكس أون(Xon)، بعض هذه التحديات بطريقة جديدة. حيث تم ابتكاره بواسطة فريق من العلماء بقيادة بيفرلي ديفيدسون في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا ، وانضم إليهم باحثون في شركة نوفارتيس للصناعات الدوائية. كانت الفكرة وراء ذلك ابتكار تقنية لتحرير الجينات يمكن توصيلها بدقة ثم التحكم فيها بمرور الوقت باستخدام دواء يعمل كمفتاح تشغيل / إيقاف.

باستخدام نظام إكس أون  X on يمكن للعلماء وضع ضوء توقف أمام أي جين، عن طريق إدخال الجين وضوء التوقف معاً في حزمة وراثية وادخالها إلى الخلايا في طبق اختبار أو في حيوان حي.
باستخدام نظام إكس أون X on يمكن للعلماء وضع ضوء توقف أمام أي جين، عن طريق إدخال الجين وضوء التوقف معاً في حزمة وراثية وادخالها إلى الخلايا في طبق اختبار أو في حيوان حي.
Ray Miller :الصورة بواسطة

كيف يعمل؟

تخيل إشارة مرور حمراء تعمل طوال الوقت، ولا يمكن تعطيلها إلا باستخدام أداة خاصة. مما يعنى أنه لا توجد طريقة للمضي قدماً حتى ينطفئ الضوء الأحمر. باستخدام نظام إكس أون X on يمكن للعلماء وضع ضوء توقف أمام أي جين، عن طريق إدخال الجين وضوء التوقف معاً في حزمة وراثية وادخالها إلى الخلايا في طبق اختبار أو في حيوان حي. الجين الجديد موجود، ولكنه غير نشط، مما يعني أنه لا يمكنه إنتاج رسائل أو بروتينات، حتى يتم إزالة ضوء التوقف. ولكن عندما يصل عقار معين إلى الخلية، فإنه يعمل كأداة لإيقاف تشغيل الضوء الجيني، وتنشيط الجين.

ما يجعل هذا ابتكاراً علمياً مثيراً هو أن نظام Xon يسمح للباحثين بإدخال جين وتشغيله وإيقاف تشغيله ببساطة عن طريق إضافة دواء إلى طبق من الخلايا النامية، أو عن طريق إعطاء الدواء لحيوان البحث. قد تكون هذه طريقة جديدة لفهم ما يحدث عندما يكون هناك الكثير أو القليل جداً من جين أو بروتين معين، أو لإنشاء نموذج مرض لاستكشاف التدخلات الجينية بسهولة في نقاط زمنية مختلفة أثناء التقدم فى العمر (الشيخوخة).

وفي ورقة بحثية حديثة في مجلة نيتشر (Nature)، قام فريق ديفيدسون باختبار هذه التكنولوجيا عن طريق استخدام مجموعة متنوعة من الجينات المعنية في الأمراض التَنَكُّسِيٌّة العصبية والأمراض السرطانية لإثبات أنه يمكن التحكم في مستوياتها بناءاً على وقت وكمية الدواء المعطل لإشارة التوقف.

الجمع بين تقنية إكس أون(Xon)مع نظام كريسبر لتحرير الجينات

إن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو التطبيق المحتمل لنظام إكس أون(Xon)على تقنيات مثل كريسبر وكذلك مستقبل تحرير الجينات كعلاج. يوضح هذا البحث الحديث قدرة نظام إكس أون(Xon)علي الاندماج مع تقنية كريسبر كاس-9 ، من أجل تحكم أكثر دقة في تحرير كريسبر باستخدام دواء يتم إطعامه للفئران.

قام فريق ديفيدسون بإيضاح ذلك بواسطة استخدام جين اصطناعي يمكنه جعل خلايا كبد الفأر تتوهج باللون الأخضر. لكن الأمل في النهاية هو أنه يمكن تطبيقه على العلاجات البشرية.

إن النظام الذي يمكن أن يساعدنا علي التحكم بشكل أفضل في تعديل الجينات بتقنية كريسبر هو احتمال مثير لأنه يعطي المزيد من الأمل في تكييف تلك التكنولوجيا بأمان مع الأدوية المستقبلية. هذا الأمر غير ممكن في الوقت الحالي بالنسبة لمعظم الأمراض، لأن التغييرات المباشرة التي لا رجعة فيها في الحمض النووي البشري يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة. لقد كتبنا مؤخراً عن أول تجربة أمان ناجحة (https://en.hdbuzz.net/308) من دواء كريسبر لمرض يصيب الإنسان عادة ما يصيب الكبد.

على الرغم أن قطع أو تصحيح الجين في داء هنتنغتون في البشر سيكون رائعاً من الناحية النظرية، إلا أنه يشبه السكين وقد يؤدى دائماً إلى تغييرات إضافية غير مرغوب فيها في الجينات الأخرى. لهذاالسبب قد قمنا كثيراً بالتأكيد على أن تعديل الجينات يحتاج إلى قطع شوط طويل قبل أن نتمكن من تطبيقه على علاج خلايا الدماغ البشرية، والتي لا يمكن تجديدها كما هو الحال في خلايا الكبد.

إن اقتران إكس أون Xon مع نظام كريسبر كاس- 9 والذي يستهدف جيناً مرضياً (مثل الجين في داء هنتنغتون) يعني أن عقاراً يؤخذ عن طريق الفم يمكنه تشغيل محرر الجينات وإيقافه.

إن اقتران إكس أون Xon مع نظام كريسبر كاس- 9 والذي يستهدف جيناً مرضياً (مثل الجين في داء هنتنغتون) يعني أن عقاراً يؤخذ عن طريق الفم يمكنه تشغيل محرر الجينات وإيقافه. يمكن أيضاً تعديل الجرعة للتحكم في مقدار التحرير الجيني - ليس فقط العمل كأداة لتعطيل الضوء الأحمر، ولكن أيضًا بمثابة “مفتاح تعتيم يقوم بخفض شدة الضوء” للتنظيم الدقيق. الأهم من ذلك من أجل السلامة، إذا حدث خطأ ما، يمكن إيقاف العلاج لمنع المزيد من التغييرات في الحمض النووي.

الآن يعد كل هذا أمراً نظرياً، لأن نظام إكس أون Xon ومفاتيح تعديل الجينات الأخرى “مفاتيح التعتيم” في مراحل نمو مبكرة. على الرغم من ذلك، فإن هذا المنشور يشير إلى إمكانية تطبيقه على العلاجات في البشر، وقد قامت شركة نوفارتيس بترخيص تقنيةإكس أون Xon.

إذاً ما الذى جعل من هذا الابتكار أخباراً بحثية خاصة بداء هنتنغتون؟

أولاً وقبل كل شيء، فنحن نعلم أن داء هنتنغتون ناتج عن تغيير في جين واحد، لذلك كان دائماً مرشحاً رئيسياً للعلاجات الجينية، ويقوم العشرات من الباحثين والشركات في جميع أنحاء العالم بتطوير حلول مبتكرة لعلاج داءهنتنغتون من مصدرها. يتطلع فريق HDBuzz (وباحثوا داء هنتنغتون) دائماً إلى التقنيات الجديدة التي تعمل على تحسين الأساليب الحالية. علاوة على ذلك، فإن قادة الفريق الذي نشر ورقة نيتشر Nature البحثية الأخيرة هم باحثون محترمون في مجال هنتنغتون وقد كرّسوا الكثير من حياتهم المهنية لتطوير العلاجات الجينية.

ومع ذلك، فإن السبب الرئيسي لظهور هذا المنشور كأخبار لمجتمع داء هنتنغتون هو أن نظام Xon يعتمد في الواقع على دواء موجود للعمل علي مفتاح تعديل الجينات - وهذا الدواء ليس سوى برانابلام (Branaplam) نعم، برانابلام ، الدواء الذى يؤخذ عن طريق الفم الذي تم تطويره لعلاج الأطفال المصابين بالضمور العضلي الشوكي ، والذي ستختبره نوفارتيس قريباً في تجارب إكلينيكية للبالغين المصابين بداء هنتنغتون.

هذا لا يعني أن تحرير الجينات Xon له أي دور في التجارب القادمة لـداء هنتنغتون. إنه يعني ببساطة أن البرانابلام، وهو دواء يتمتع بقدرات قص ولصق وراثية ، يشكل جزءاً من نظام جديد أنيق يمكن تعديله للتحكم في نشاط أي جينات يرغب علماء الجينات في دراستها. يمكن تصميم أنظمة “مفتاح التعتيم” لتحرير الجينات لاستخدام دواء مختلف تمامًا، ولكن في هذه التجارب المبكرة، صمد Xon والتحكم الدقيق به مع برانابلام أمام العديد من اختبارات المرونة والدقة.

الرسالة المستفادة

يعد نظام إكس أون Xon تقنية رائعة حقاً في المراحل المبكرة، وعلى الرغم من أنه ليس جاهزاً للتطبيق على العلاجات البشرية، إلا أنه عنصراً جديداً في مجموعة أدوات تعديل الجينات. علاوة على ذلك، تم ابتكاره بواسطة باحثين ذي خبرة في داء هنتنغتون، وقد تم ترخيصه الآن من قبل شركة أدوية كبرى تستثمر بالفعل في علاجات داء هنتنغتون. وهذا يبشر بالخير لتطوره المستمر في الدراسة والعلاج المحتمل لداء هنتنغتون والاضطرابات الوراثية ذات الصلة.