بقلم Dr Rachel Harding تحرير Dr Jeff Carroll ترجمة Dr Shaimaa Ibrahim Mohamed El Jaafary

لقد قام الباحثون في جامعة جونز هوبكنز بقيادة وينتزن دوان بتطوير طريقة غير تداخلية لتتبع تطور داء هنتنغتون والتي يمكن استخدامها قبل ظهور أعراض على المرضى. وقد أظهر الباحثون من خلال دراسة فئران التجارب كنماذج لداء هنتنغتون إمكانية قياس حجم/ كمية الدم في الدماغ بدقة عن طريق استخدام نوع من فحص الدماغ يسمى التصوير بالرنين المغناطيسي. وافترض الباحثون أنه يمكن استخدام هذا الفحص كدلالة حيوية (مؤشر حيوي) لتطور المرض حتى قبل ظهور الأعراض التي يمكن قياسها إكلينيكياً. الدلالات الحيوية هي اختبارات معملية يمكننا القيام بها للتنبؤ بمسار المرض في مريض على قيد الحياة، وقد تكون المفتاح لتحديد الأدوية الفعالة في داء هنتنغتون.

لماذا نحتاج إلى دلالات حيوية مختلفة في داء هنتنغتون؟

على الرغم من خيبات الأمل الأخيرة في نتائج التجارب ASO السريرية لمركبات أوليجونيكليوتيدات ، إلا أن المجتمع البحثي لداء هنتنغتون لم يتخل مطلقاً عن الأمل في تطوير دواء يعمل على إيقاف الجين المتحور في داء هنتنغتون أو إبطاء المرض بطرق أخرى. يتم إجراء التجارب السريرية حتى الآن وفي كثير من الحالات، عن طريق إختبار عقاقير في مرضي مصابين بالفعل ولديهم أعراض واضحة لداء هنتنغتون والتي يمكن مراقبتها طوال التجربة لتحديد ما إذا كان العقار قيد البحث يعمل أم لا. لكن ربما نحتاج إلى اختبار هذه الأدوية في مرحلة مبكرة من المرض لإيقاف مساراته. تكمن مشكلة اختيار تجربة دواء جديد مبكرًا قبل ظهور الأعراض على المرضى في تحديد ما يمكننا قياسه لمعرفة ما إذا كان الدواء يعمل أم لا، وهنا يأتي دور الدلالات الحيوية. فإذا تمكنا من العثور على دلالة حيوية يمكن قياسها في المرضى ممن لا يعانون من أعراض واضحة، قد يكون هذا مفيدًا جدًا للأطباء لتتبع ومراقبة المرضى، ونأمل أن نتمكن في المستقبل من معرفة ما إذا كانت الأدوية تساعد في إبطاء تطور المرض حتى في مراحله المبكرة.

كريسبر هي تقنية لتعديل الجينات تسمح للعلماء بتغيير منطقة تسلسل الحمض النووي بدقة. استخدم العلماء في هذه الدراسة تقنية كريسبر لإسكات كلتا نسختي جين هنتنغتين مما جعل الأعراض أفضل في نماذج فئران داء هنتنغتون.
كريسبر هي تقنية لتعديل الجينات تسمح للعلماء بتغيير منطقة تسلسل الحمض النووي بدقة. استخدم العلماء في هذه الدراسة تقنية كريسبر لإسكات كلتا نسختي جين هنتنغتين مما جعل الأعراض أفضل في نماذج فئران داء هنتنغتون.

هل حجم الدم دلالة حيوية جيدة؟

يعد تدفق الدم الجيد أمرًا مهمًا جدًا للأدمغة السليمة لأنه يوفر الأكسجين والعناصر الغذائية الأخرى لخلايا الدماغ للحفاظ على تغذيتها بشكل جيد ولتعمل بشكل صحيح. بدون تدفق الدم الجيد أو الإمداد الجيد بالأكسجين والمواد المغذية، يمكن أن تمرض خلايا المخ وتموت. من المثير للدهشة، أن حجم الدم في الدماغ لدى الأشخاص الذين يعانون من داء هنتنغتون، يكون أقل بشكل ملحوظ مقارنة بالأشخاص ذوي الأدمغة السليمة.

في هذه الدراسة، استخدم فريق دوان نوعًا من تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي والذي يسمح لهم حساب حجم الدم بدقة في أدمغة الفئران المصممة بحيث يكون لها طفرة مماثلة للأشخاص المصابين بداء هنتنغتون. وقد لاحظوا تغير حجم الدم الذي تم قياسه في هذا الفحص على مدار عمر الفأر المصاب بداء هنتنغتون. حتى عندما كانت الفئران صغيرة جدًا ولم تظهر عليها بعد علامات أعراض هنتنغتون، كانت أحجام الدم بالفعل أقل من المعتاد. يقترح الباحثون أن التتبع الدقيق لأحجام الدم في الدماغ يمكن أن يكون مفيدًا كعلامة حيوية مبكرة لتطور داء هنتنغتون.

هل يمكن أن تشير قياسات حجم الدم إلى ما إذا كانت عقاقير داء هنتنغتون تعمل؟

قامت مجموعة الباحثين بالتحقق أيضًا فيما إذا كان استخدام تقنية كريسبر في تعديل الطفرة الجينية في داء هنتنغتون يعمل علي تحسين علامات أعراض المرض في نماذج الفئران.

كريسبر هي تقنية لتعديل الجينات تسمح للعلماء بتغيير منطقة تسلسل الحمض النووي بدقة. في هذه الحالة، تم استخدام تقنية “كريسبر” لإسكات نسختي جين هنتنغتين - الشكل الطبيعي والمرضي – لإيقاف التعبير عن كليهما. هذا نهج مشابه للعلاجات الخافضة لبروتين هنتنغتين حاليًا في التجارب السريرية التي تقودها [نوفارتس ويونيكيور وآخرون]. (https://en.hdbuzz.net/303)

باستخدام تقنية المسح بالرنين المغناطيسي واختبارات وظائف الدماغ الأخرى، قارن الباحثون فئران نماذج داء هنتنغتون العادية مع تلك التي تم علاجها باستخدام علاج كريسبر. وكما توقعوا، فقد قام علاج كريسبر بتأخير ظهور الأعراض في فئران داء هنتنغتون.

لكن الأهم من ذلك هو أن الفئران التي تم علاجها بتقنية كريسبر استعادت أحجام الدم المتغيرة في الدماغ حتى عندما كانت الفئران في عمر لم يكن بالإمكان قياس الأعراض بعد. وهذا يدل على أنه مع ستخدام هذا العلاج، فإن إتخاذ حجم الدم فى الدماغ كمؤشر حيوي للمرض يمكن أن يظهر ما إذا كانت العلاجات المبكرة تعمل أم لا.

يبدو هذا جيدًا بالنسبة للفئران ولكن ماذا عن الأشخاص المصابين بداء هنتنغتون؟

في حين أن التغيير في حجم الدم الدماغي في نماذج فئران داء هنتنغتون يحاكي ما نعرف حدوثه في أدمغة الأشخاص المصابين بالمرض، فمن المهم أن نتذكر الآتي: أن كل هذه التجارب قد اكتملت في الفئران، وليس في الأشخاص ممن يملكون بالفعل هياكل دماغية مختلفة. ولا يزال هناك طريق يجب أن نقطعه قبل أن نتأكد من أن هذا المقياس نفسه لحجم دم الدماغ سيكون دلالة بيولوجية جيدة لدى الأشخاص الذين يعانون من المرض. للقيام بذلك، نحتاج إلى التحقق من صحة هذه النتائج في التجارب السريرية على الأشخاص. من فوائد هذا النهج الجديد لقياس حجم الدم أن التصوير بالرنين المغناطيسي يعد إجراء غير تداخلي، لذا فإن النظر إلى هذا القياس يشكل أملا لطريقة أقل ضراوة للمرضى مقارنة بالبذل الشوكي أو الإجراءات التداخلية الأخرى المستخدمة حاليًا.

ومع ذلك، فهذه خطوة تبعث على الأمل في اكتشاف العقاقير لداء هنتنغتون. فلدى العلماء الآن مقياس جديد يمكنهم استخدامه في المختبر لدراسة التغييرات في نماذج المرض قبل ظهور الأعراض ولاختبار الأدوية المختلفة في هذه النماذج. الأمل يكمن في أن التدخل المبكر بالعقاقير الجيدة لدى الأشخاص الذين تم تشخيصهم بداء هنتنغتون قد يؤخر أو حتى يوقف تطور المرض تمامًا. نتطلع إلى قراءة المزيد عن هذا العمل!