Jeff Carrollبقلم Dr Jeff Carroll و Dr Rachel Harding تحرير Dr Leora Fox ترجمة Guiscardo Urso

تم الإعلان عن أنباء محزنة للغاية اليوم، حيث صرّحت شركتا روش وأيونيس أن تجربة دواء ASO واسعة النطاق التي تجريها الشركتان على مرضى داء هنتنغتون قد تم إيقافها مبكراً. ومن المهم أن نذكر أنه لم يتم التطرق إلى مخاوف جديدة تتعلق بالسلامة إلى الآن، لكن مع ذلك تم إيقاف إعطاء جرعات دواء Tominersen قيد التجربة بالإضافة إلى الدواء الوهمي خامل المفعول بشكلٍ مبكر. ماذا يعني ذلك، وما هي الخطوة التالية؟

حول التجربة - ما الهدف منها؟

قامت شركتا روش وأيونيس بتطوير عقار Tominersen وهو نوع من الأدوية التي يطلق عليها مركبات أوليجونيوكليوتايد عكس إتجاه النسخ ويشار إليها بالاختصار ASO. وقد أظهرت علاجات ASO قدرتها على تقليل مستويات جزيئات بروتينية معينة عن طريق التدخل في الرسالة الجينية التي تخبر خلايا أجسامنا بصفة طبيعية بصنع ذلك البروتين. وفي حالة Tominersen، يتداخل هذا العقار من نوع ASO مع الرسالة الجينية لبروتين هنتنغتين. حيث يقلل علاج Tominersen من مستويات كلا النسختين من بروتين هنتنغتين، الطبيعي وذلك المرتبط بداء هنتنغتون.

علماً بأن هذه ليست التجربة الأولى لدواء Tominersen. فقبل الوصول إلى المرحلة الثالثة من هذه الدراسة، تم اختبار دواء Tominersen أولا في تجربتين من المرحلة الأولى والثانية تم فيهما تقييم الدواء من حيث السلامة وأظهرت النتائج أنه يخفّض مستويات بروتين هنتنغتين في مرضى داء هنتنغتون. أما الهدف من تجربة المرحلة الثالثة الحالية، والتي أطلق عليها أيضاً تجربة GENERATION-HD1، فكان معرفة ما إذا كان دواء Tominersen فعالاً، ليس فقط في خفض بروتين هنتنغتين في مجموعة أكبر من المرضى، ولكن أيضاً إن كان يساعد في تحسين أعراض داء هنتنغتون في المرضى الذين تظهر لديهم أعراض بالفعل.

ماذا حدث؟

في 22 مارس 2021، كشف بيان صحفي صادر عن شركة روش عن إيقاف إعطاء الجرعات في دراسة المرحلة الثالثة لدواء Tominersen وذلك بناءً على توصية اللجنة المستقلة لمراقبة البيانات (iDMC). وهي لجنة تتألف من مجموعة من خبراء مستقلين يعملون على مراقبة البيانات من التجربة الجارية منذ بدايتها.

وتلعب لجان مراقبة البيانات هذه دوراً هاماً للغاية في التجارب السريرية، حيث أنها تعمل كطرف محايد من خلال النظر في البيانات الناشئة عن التجربة، دون الاهتمام بنتيجة التجربة. لذلك، حسب تصميمها، تكون هذه اللجان منفصلة تماماً عن المرضى والأطباء وشركات الأدوية المشاركة في إجراء الدراسة، ووظيفتها الوحيدة هي مراقبة التجربة بشكل دوري لتقرير ما إذا كان ينبغي استمرارها أم لا.

وبشكلٍ عام، تطرح هذه اللجان نوعين من الأسئلة - أولاً، هل هناك مخاوف ناشئة وغير متوقعة تتعلق بالسلامة؟ في حال، على سبيل المثال، إئا بدأ جميع الأشخاص الذين يتلقون الدواء يعانون من أعراض غريبة ومقلقة، فإن هذه اللجنة سترى ذلك وتطلب إيقاف التجربة. ثانياً، يمكن لهذه اللجان أن تقرر ما إذا كان من المستبعد جداً أن يكون للتجارب الجارية أي منفعة للمرضى المشاركين.

على سبيل المثال، هناك الكثير من دراسات داء هنتنغتون التي شملت أنواع مختلفة من الأدوية التي تم إيقافها بهذا النوع من التحليل المبكر لأن البيانات أشارت إلى أن المرضى من المستبعد جداً أن يستفيدوا من الدواء قيد التجربة. وإن كان من الواضح عدم تحسّن أعراض داء هنتنغتون لدى المرضى، قد يتغير تقييم المخاطر مقابل منافع إعطاء الأدوية التجريبية للمرضى، وقد لا يكون من المجدي استمرار التجربة في هذه الحالة.

ما الذي نعرفه إلى الآن؟

ما نعرفه محدود للغاية، ومن المهم تذكر ذلك خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة. فكل الحقائق المهمة التي نعرفها من البيان الصحفي تأتي من الجمل القليلة التالية:

“استند القرار إلى نتائج المراجعة المخطط لها مسبقاً للبيانات من دراسة المرحلة الثالثة التي أجرتها لجنة مراقبة البيانات المستقلة والمطلعة. وقدمت اللجنة توصيتها بناءً على الموازنة بين المنافع والمخاطر المحتملة للعلاج الاستقصائي (التجريبى) على المشاركين في الدراسة. علماً بأنه لم يتم تحديد مؤشرات سلامة جديدة أو ناشئة متعلقة بدواء Tominersen عند مراجعة البيانات من هذه الدراسة.”

ويمكننا استنتاج عدة نقاط من ذلك: أولاً، لا توجد “مؤشرات سلامة” جديدة - مما يعني عدم وجود نتائج طبية سيئة جديدة للمشاركين في التجربة. في حال ظهور مثل هذه المؤشرات، على سبيل المثال، نوبات قلبية مفاجئة لدى مرضى يتلقون الدواء (والذي لم يحدث)، لكان هذا البيان الصحفي أخبرنا عنها. لذا، ولحسن الحظ بالنسبة للعائلات المشاركة، لا يوجد إلى الآن أي مؤشر على ظهور أعراض جديدة مقلقة.

ثانياً، يذكر البيان الصحفي أنهم قرروا إيقاف إعطاء الجرعات في التجربة “بناءً على الموازنة بين المنافع والمخاطر المحتملة للعلاج الاستقصائي (التجريبى) على المشاركين في الدراسة ”. ما يجعلنا نتساءل كيف تغير تقييم المنافع والمخاطر إن لم تكن هناك أعراض جديدة مقلقة؟ خلاصة القول هي أننا لا نعرف حتى الآن. من الناحية النظرية، قد يكون السبب هو أن الأدوية تؤدي إلى تفاقم أعراض داء هنتنغتون. أو قد يكون السبب هو أن الدواء لا يعمل على تحسين أعراض داء هنتنغتون بطريقة تكون واضحة للشخص الذي يملك إمكانية الاطلاع على جميع البيانات، وبالتالي يجد بأن التجربة لا تستحق المخاطرة بتعريض المشاركين لعقار جديد لأن منافعه غير واضحة.

من المهم أن ندرك أنه حتى الباحثون في شركتي روش وأيونيس لا يعرفون الإجابة على هذه الأسئلة الافتراضية في الوقت الحالي. لكن حين تحدث مثل هذه الأمور، يتعيّن على اللجان المستقلة اتخاذ قرارها وإعلام الجميع على الفور. لذا، إلى حين أن تقرأ مقالة أخرى على HDBuzz تتناول هذا الموضوع، لا تأبه لأي ضجة قد تسمعها حول هذه النتائج، لأن هناك الكثير مما لا نعرفه إلى الآن.

ما الذي لا نعرفه، ومتى يمكن أن نعرفه؟

لماذا نحصل على مثل هذا البيان الصحفي الغامض حول موضوع بهذه الأهمية؟ لسوء الحظ، الإجراء المتبع في مثل هذه الحالات يقضي بأنه بمجرد أن يتم إيقاف تجربة ما بهذا الشكل، يجب إصدار بيان صحفي أولي بمجرد معرفة الشركات بهذا الخبر. والهدف من ذلك هو إعلام مجتمع المرضى لتجنب أي إشكالات، كأن يعمد الناس إلى بيع الأسهم بعد سماع الخبر، أو أي شكل آخر من استغلال الخبر.

على سبيل المثال، بعد أخبار اليوم، انخفض سهم شركة أيونيس بنحو 19%، والتي تمثل خسارة تقدّر بأكثر من مليار دولار. وفي حال وقوعه في الأيدي الخاطئة، يمكن أن يساء استخدام الوصول المبكر إلى مثل هذه المعلومات.

أما بالنسبة لمجتمع المرضى، عند سماع أخبار سيئة كهذه، تكون هناك دائماً فجوة محيّرة بين هذا التحذير الأولي من أن شيئاً ما لم يسر على ما يرام، وبين معرفة تفاصيل ما حدث بالضبط. وهو أمرٌ محبط للغاية، لكن هذا ما يحدث عادةً عند سماع أخبار كهذه.

هل خفض بروتين هتنتغتين HTT فكرة سيئة؟

من المحتمل أن نشهد الكثير من النقاش المبرر حول ما إذا كان خفض مستوى بروتين هنتنغتين فكرة سيئة. استناداً إلى كل البيانات العلمية التي كنا نملكها في ذلك الوقت، رأينا أن من الصواب إجراء تلك التجربة. وبتنا الآن نملك نقطة انطلاق جديدة رائعة، وهي إدراكنا أننا قادرون على خفض مستوى بروتين هنتنغتين في مرضى هنتنغتون. لذلك حين نقوم بتصميم التجارب القادمة - وستكون هناك المزيد من التجارب بالطبع - لن نبدأ من نقطة الصفر هذه المرة، بل من النقطة التي ندرك عندها أن خفض مستوى بروتين هنتنغتين في المرضى أمر ممكن.

ما هي الخطوة التالية؟

إلى أن نرى البيانات، لا توجد طريقة للتنبؤ بما سيحدث بعد ذلك. ولكن فيما يلي بعض الأفكار التي من المؤكد أن يتم مناقشتها: أولاً، هل يجب أن نحاول علاج مرضى داء هنتنغتون في وقت مبكر، حتى قبل أن تظهر عليهم أعراض متقدمة؟ ثانياً، هل يجب أن نحاول فقط خفض مستوى بروتين هنتنغتين المتحور (كما تفعل شركة Wave Life Sciences حالياً في تجربتها)؟ ثالثًا، هل يجب أن نحاول خفض مستوى بروتين هنتنغتين بمعدل أعلى أو أقل مما فعلناه خلال هذه التجربة؟ بإمكانك المراهنة على أن الأفراد في شركتي روش وأيونيس يتحدثون عن ذلك الآن، وكذلك علماء داء هنتنغتون الآخرون حول العالم.

على الرغم من إيقاف إعطاء الجرعات بشكلٍ دائم في تجربة GENERATION-HD1، إلا أن شركة روش تعتزم مواصلة مراقبة المشاركين لتقييم سلامة وتأثيرات عقار Tominersen على المدى الطويل.

الامتنان للمرضى والأطباء والشركات المشاركة

شكّلت هذه التجربة التزاماً ضخماً من كل الأطراف المشاركة. وسيبقى مرضى هنتنغتون الذين تطوعوا في هذه التجارب المبكرة أبطال مجتمع هنتنغتون إلى الأبد، فهم منتحملوا مخاطرة كبيرة بالنيابة عن مجتمع داء هنتنغتون بأكمله. كما عمل الباحثون في مختبرات العلوم الأساسية في كل من شركتي روش وأيونيس بلا كلل لتصميم أفضل دواء ممكن للاختبار. ولا ننسى كل من عمل بجد في العيادات حول العالم لاختبار العقار واكتشاف مدى فاعليته. وكان الجميع - العائلات والعلماء والأطباء – يأملون برؤية نتيجة مغايرة، إلا أننا لسوء الحظ لم نحصل عليها هذه المرة.

ما بعد التجربة

لا شك أنه يومٌ حزين لمجتمع داء هنتنغتون، وتشارككم HDBuzz شعور الحزن وخيبة الأمل. لكن لابد لنا أن ننظر للجانب الإيجابي، وهو أن طريقة إجراء هذه التجربة سوف تساعدنا على فهم كيفية تصميم التجربة التالية بشكل أفضل، وما نتعلمه من هذه النكسة ستكون له فائدة كبيرة لمجتمع أبحاث داء هنتنغتون على مستوى العالم. وقد أثبت هذا المجتمع - من عائلات وعلماء داء هنتنغتون - أنهم قادرون على تجاوز التحدّيات معاً، لذلك سننفض معا غبار هذه الخسارة ونواصل المحاولة حتى الوقت الذي لا يعود فيه داء هنتنغتون يشكّل تهديداً لنا و لأحبائنا.

تعمل الدكتورة ليورا فوكس في جمعية مرض هنتنغتون الأمريكية، التي لديها علاقات واتفاقيات عدم إفصاح مع شركات الأدوية، بما في ذلك شركة روش. ليس لدى الدكتورة راشيل هاردينج والدكتور جيف كارول أي تضارب في المصالح للتصريح عنه. ... لمزيد من المعلومات حول سياسة الإفصاح الخاصة بنا، أنظر الأسئلة المتكررة