بقلم Dr Anna Pfalzer تحرير Professor Ed Wild ترجمة Guiscardo Urso

علنت شركة يونيكيور في المؤتمر السنوي الأخير لجمعية مرض هنتنغتون الأمريكية الذي أقيم في بوسطن، عن تفاصيل هامة عن تجربتها السريرية التي تخطط لإجرائها باستخدام علاجها التجريبي AMT-130. وقد كنا قد نشرنا سابقاً مقالة عن العلاج التجريبي AMT-130 هنا، لذلك ستتناول هذه المقالة المعلومات الأساسية عن التجربة وما تم الإعلان عنه للتو.

نبذة عن العلاج الجيني لخفض مستوى بروتين هنتنغتين

يعد AMT-130 علاجاً لخفض مستوى بروتين هنتنغتين، لأنه يهدف إلى تقليل إنتاج بروتين هنتنغتين المتحور الضار، الذي يضر بالخلايا العصبية ويسبب في النهاية الإصابة بداء هنتنغتون.

يتم استخدام فيروس لإيصال دواء AMT-130 إلى الدماغ. بمجرد وصوله إلى الدماغ، يبرمج الفيروس الخلايا العصبية بتعليمات جديدة لصنع جزيء يخفّض مستوى بروتين هنتنغتين.
يتم استخدام فيروس لإيصال دواء AMT-130 إلى الدماغ. بمجرد وصوله إلى الدماغ، يبرمج الفيروس الخلايا العصبية بتعليمات جديدة لصنع جزيء يخفّض مستوى بروتين هنتنغتين.

إلا أن تجربة علاج AMT-130 تختلف من عدة نواحٍ هامة عن تجارب مركبات أوليجونيوكليوتايد عكس اتجاه النسخ (ASO) التي تجريها حالياً شركتا روش و ]ويف لايف ساينسز[(245/).

يعد AMT-130 علاجاً جينياً، أي أن الهدف منه هو إحداث تغيير دائم في التركيب الجيني للمريض المعالج. لا يحاول علاج AMT130 إزالة طفرة هنتنغتين – وهي مهمة أصعب بكثير مما تعتقد. بل يتم بدلاً من ذلك في علاج AMT130 استخدام فيروس غير ضار يُعرف بالفيروس المرتبط بالفيروسات الغدية (فيوس أدينو) (AAV) من أجل إضافة جزء صغير إضافي من الشفرة الجينية إلى الخلايا العصبية. وتكون هذه الشفرة عبارة عن مجموعة من التعليمات لصنع دواء يخفّض مستوى بروتين هنتنغتين.

بمجرد معالجة الخلية العصبية باستخدام علاج AMT-130، فإنها تقوم باستمرار بتصنيع نسخ إضافية من الجزيء الجديد لخفض مستوى بروتين هنتنغتين. لذلك، على الرغم من استمرار احتواء الخلية العصبية على جين هنتنغتين الضار، وإرسالها رسائل لصنع بروتين هنتنغتين المتحور، إلا أنها ستقوم في الوقت نفسه بإنتاج مجموعة تعليمات جديدة من أجل حذف رسالة صنع بروتين هنتنغتين. ومن المفترض أن تكون نتيجة ذلك هي تقليل إنتاج البروتين الضار، مع

ماذا عن التجربة؟

أعلنت شركة يونيكيور عن بعض التفاصيل الأولية والمهمة حول التجربة التي تنوي القيام بها وذلك في بيان لمجتمع هنتنغتون. وفيما يلي نقدم ما نعرفه إلى الآن.

سوف ينصب تركيز التجربة الأولى على السلامة والتحمّل، أي معرفة ما إذا كانت هناك آثار جانبية ضارة أو غير سارة لتلقي علاج AMT-130.

كما تقوم شركة يونيكيور بتضمين الفعالية في الأهداف المعلنة للتجربة - والذي يعني اكتشاف ما إذا كان العلاج يقوم بما يفترض به القيام به، وهو إبطاء تقدّم / تدهور داء هنتنغتون بشكلٍ عام. وعلى الرغم من إمكانية ذلك نظرياَ، إلا أن من المستبعد جداً أن تُظهر هذه التجربة الأولى الصغيرة دليلاً على تباطؤ تقدّم / تدهور المرض. والهدف الأكثر قابلية للتحقيق يكمن في اختبار ما إذا كان العلاج قادراً على تقليل إنتاج بروتين هنتنغتين، والذي بإمكاننا اليوم قياسه باستخدام التقنيات التي ذكرناها في مقالة HDBuzz المنشورة هنا.

ستتم تجربة علاج AMT-130 في مواقع / مراكزتجارب سريرية لداء هنتنغتون بداخل الولايات المتحدة. لا نعرف إلى الآن مكان هذه المواقع / المراكزوعددها، لكن سيتم الإعلان عنها للجمهور عبر الإنترنت عند توفرها. وتأمل شركة يونيكيور في بدء تسجيل المرضى في التجربة قبل نهاية 2019.

ستشمل التجربة 26 مريضاً فقط ممن لديهم أعراض مبكرة لداء هنتنغتون، أي الأشخاص الذين يعانون من حركات غير طبيعية ( اضطرابات حركية لا إرادية) خلال السنوات القليلة الأولى من تأكيد التشخيص “رسمياً” من قبل طبيب أعصاب. على أن يكون النطاق العمري للمرضى من 25 إلى 65 سنة.

وعلى غير العادة، قامت شركة يونيكيور بتحديد حد أدنى 44 تكرار CAG أو أكثر في جين هنتنغتين للمشاركين. علماً بأن حوالي 50% من الأشخاص الذين يتلقون نتيجة إيجابية في الاختبار الجيني لداء هنتنغتون يحملون ما بين 40 و 45 تكراراً، لذلك قد يؤدي مثل هذا التقييد إلى استبعاد عدد غير قليل من الأشخاص. ومن المحتمل أن تكون شركة يونيكيور قد وضعت هذا التقييد لتوجيه التجربة نحو الأشخاص الذين من المحتمل أن يتقدّم المرض لديهم بسرعة أكبر، وبالتالي ضمان حصولها على فرصة أفضل لعرض فاعلية علاج AMT-130 في إبطاء تقدّم المرض.

يتطلب العلاج باستخدام دواء AMT-130 جراحة دماغية كبرى، تنطوي على مخاطر. والذي ينطبق على كل العلاجات التي تستخدم "العلاج الجيني" المخطط لإجرائها حالياً.
يتطلب العلاج باستخدام دواء AMT-130 جراحة دماغية كبرى، تنطوي على مخاطر. والذي ينطبق على كل العلاجات التي تستخدم “العلاج الجيني” المخطط لإجرائها حالياً.

سيتم تقسيم المرضى البالغ عددهم 26 بشكل عشوائي إلى مجموعتين. حيث يتلقى 16 مريضاً منهم علاج فعّال باستخدام دواء AMT-130، إما بجرعة منخفضة أو عالية. ويتلقى 10 مرضى علاج مقلّد، والذي يشار إليه أيضاً بالدواء / التدخل"الوهمي" أو “الزائف” خامل المفعول.

تتمثل الفائدة الكبيرة المحتملة للعلاج باستخدام دواء AMT-130 في أنه يُجرى مرة واحدة فقط لكل مشارك، إلا أنه ليس إجراءاً بسيطاً. حيث يتضمن جراحة دماغية تُجرى تحت تخدير عام يتم فيها إحداث من ثقبين إلى ستة ثقوب صغيرة في الجمجمة، وإدخال أنابيب رفيعة تسمى أنابيب قسطرة في الدماغ. ثم تحقن تركيبة دواء AMT-130 عبر تلك الأنابيب في الدماغ.

أما المرضى الذي سيتلقون العلاج المقلّد فسيخضعون لتخدير عام هم أيضاً، ويتم إحداث ثقوب ضحلة في الطبقة الخارجية لجماجمهم لكن لن يتم تجاوزها، ولن تنطوي العملية على حقن أو أنابيب.

الغرض من مجموعة العلاج المقلّد هو المساعدة في معرفة ما إذا كانت أي تأثيرات يتم ملاحظتها في التجربة - سواء كانت مفيدة أو ضارة - ناتجة عن علاج AMT-130 نفسه، أو تأثير الدواء الوهمي (التعزيز النفسي الذي يأتي من المشاركة في تجربة سريرية)، أو ناتجة عن الخضوع للتخدير والجراحة.

وستتم متابعة حالة المرضى بشكلٍ مكثف على مدى 18 شهراً، مع إجراء فحوصات تتضمن التصوير بالرنين المغناطيسي والبزل القطني (البزل الشوكي). و سوف يتم بعد ذلك دعوة المرضى من مجموعة الدواء الفعّال للعودة لزيارات سنوية لمدة 5 سنوات.

سيكون فريق جراحة الأعصاب على علم بالمجموعة التي ينتمي إليها المريض، لكن لن يكون المريض وفريق تجربة هنتنغتون على علم بذلك. والذي يعني أن التجربة ستكون مزدوجة التعمية وتساعد في تقليل تأثير الدواء الوهمي خامل المفعول، مما يمكّن التجربة من تحقيق هدفها العلمي المتمثل في معرفة ما إذا كان الدواء آمناً وما إذا كان فعّالاً.

أما الجانب الإيجابي للمرضى المنتمين لمجموعة العلاج المقلّد هو أنه بعد 18 شهراً من إجراء العملية الجراحية المصغرة، وفي حال جاءت المراجعة المستقلة لبيانات التجربة مُرضية، سيتم دعوتهم للخضوع لعلاج كامل باستخدام دواء AMT-130 في عملية جراحية ثانية أكبر.

المخاطر والمنافع

** تمثل الميزة الرئيسية المحتملة لعلاج AMT-130 أيضاً عيبه المحتمل الأكبر**، وهو أنه علاج جيني، لذلك من المتوقع أن يكون للمعالجة به مرة واحدة تأثير دائم.

وإن سار كل شيء كما هو مخطط له، سيكون علاجاً يمكن إعطاؤه مبكراً بعد نتيجة إيجابية لإختبار جيني ، وسيكون له منافع طويلة الأمد ربما تستمر مدى الحياة. إذ يمكن أن يبطئ تقدّم المرض أو حتى يؤخر ظهور داء هنتنغتون دون الحاجة إلى جرعات متكررة.

سيتم حقن دواء AMT-130 في جزء عميق من الدماغ يسمى الجسم المخطط، الموضح هنا باللون البرتقالي. تتأثر منطقة الجسم المخطط من الدماغ في وقت مبكر من الإصابة بداء هنتنغتون، لكن هل سينشر الفيروس العلاج الخافض لبروتين هنتنغتين عميقاً بما يكفي في الدماغ لتحقيق منافع للمرضى؟
سيتم حقن دواء AMT-130 في جزء عميق من الدماغ يسمى الجسم المخطط، الموضح هنا باللون البرتقالي. تتأثر منطقة الجسم المخطط من الدماغ في وقت مبكر من الإصابة بداء هنتنغتون، لكن هل سينشر الفيروس العلاج الخافض لبروتين هنتنغتين عميقاً بما يكفي في الدماغ لتحقيق منافع للمرضى؟

ومع ذلك، إن تبيّن أن العلاج له آثار جانبية ضارة، فقد تكون مثل هذه الآثار طويلة الأمد هي الأخرى، إذ ليست هناك طريقة لإيقاف تأثير العلاج بمجرد تلقيه. كمثال خيالي بحت، ماذا لو أدى العلاج لسبب ما إلى تدهور القدرة على التحكم في الحركة، أو تسريع تقدّم داء هنتنغتون أو الشعور الدائم بالغثيان؟ قد ينتهي الحال بالمرضى مصابين بأعراض كبيرة أو حتى إعاقات. سيبذل الفريق الطبي كل ما في وسعه لتحسين مثل هذه الآثار، إلا أن التخلص من تأثير العلاج أو إيقافه لن يكون ممكناً.

من التفاصيل المهمة الأخرى لعلاج AMT-130 هو أنه مصمم لتقليل إنتاج كلا شكلي بروتين هنتنغتين - ليس فقط الشكل المتحور الضار، بل أيضاً شقيقه “الطبيعي” البريء الذي يطلق عليه العلماء “النوع البري”. وتتمثّل إحدى المخاوف في أن الحد من نوع هنتنغتين البري في دماغ البالغين المصابين بداء هنتنغتون قد يسبب هو الآخر مخاطر، والتي يمكن أن تغطي على أي منافع من خفض البروتين المتحور. وتأتي هذه المخاوف إلى حدٍّ كبير من تجارب أجريت على الفئران، والتي لكلٍ منها اختلافات كبيرة عن المرضى من البشر، لكن إلى الآن، تبقى الآثار الفعلية لخفض نوع بروتين هنتنغتين البري في المرضى غير معروفة. ونأمل أن تظهر تصورات مهمة حول ذلك من البرنامجين الجاريين لخفض مستوى بروتين هنتنغتين اللذين يتضمنان حقن أدوية في العمود الفقري، وهو برنامج RG6042 من شركة روش، لخفض كلا شكلي البروتين، وبرنامج Precision-HDمن شركة ويف، الذي تتم فيه محاولة خفض مستوى الشكل المتحور من البروتين بشكلٍ انتقائي.

تم اختبار علاج AMT-130 على الحيوانات، ولم يكن ليسمح له بالمضي قدماً واستخدامه في تجارب بشرية لو تم اكتشاف مخاطر غير مقبولة. لكن البشر فقط هم من يمكنهم إخبارنا عن المنافع والأضرار التي يمكن اختبارها. بالإضافة إلى مخاطر الجراحة، يمكن للمرضى الذين يفكرون في التطوع في هذه التجربة توقع الحصول على استشارة شاملة حول المخاطر المحتملة، دون افتراض قاطع باستفادتهم شخصياً من المشاركة. و سوف يقوم مثل هؤلاء المتطوعين بتقديم تضحيات كبيرة نيابة عن الآخرين، لذلك فأولئك الذين يتطوعون للمشاركة في التجارب الأولى من نوعها على البشر هم من بين أعظم الأبطال الفرديين في مجتمع هنتنغتون.

تقدّم مهم

هنا في HDBuzz، نطلق على نهجنا المفضل للنظر في الأمور الأمل الموضوعي، الذي يتسم بالتفاؤل والواقعية في نفس الوقت. بعد تقريرنا السابق عن علاجات خفض مستوى بروتين هنتنغتين، تلقينا بعض التعليقات التي تفيد بأننا متفائلون أكثر من اللازم، بينما البعض الآخر يرى بأننا متشائمون أكثر من اللازم (حتى أنه تم تقاذف كلمات مثل “HDBuzzKill"، ولا مشكلة لدينا مع ذلك). بل ربما يعني ذلك بأن منظورنا لما يحدث هو الصائب، لكن يبقى ذلك متروكاً لحكمك في النهاية.

نشجع كل القراء على استسقاء معلوماتهم من مصادر متعددة. وقد تساعدك مقالة "القواعد الذهبية العشر” المنشورة عام 2011، على التحلّي بعقلية منفتحة تجاه الأفكار الجديدة والمبتكرة مع التشكيك المنطقي في كل ما يشكّل ضجة فارغة. نحن نؤيد بشكلٍ صريح تطوع أفراد عائلة هنتنغتون في المشاريع البحثية، بما في ذلك التجارب السريرية، لأننا نؤمن أنها الطريقة الوحيدة التي سنحقق بها تقدّماً حقيقياً في محاربة داء هنتنغتون. وفي الوقت نفسه، ننصح أي شخص يفكر في التطوع بتقييم المخاطر والمنافع، وطلب المشورة من الأشخاص الذين يملكون الخبرة والمعرفة اللازمة ممن تثق بمشورتهم، قبل المشاركة في مثل هذه التجارب والدراسات.

رأينا في AMT-130: هي أول تجربة علاج جيني لخفض مستوى بروتين هنتنغتين تتيح إمكانية تمهيد الطريق لجيل جديد من الأدوية الثورية والمبتكرة. ونرى بأن المشاركين في هذه التجربة ليسوا أقل شجاعة من روّاد الفضاء الذين وطأت أقدامهم سطح القمر منذ ما يقارب الخمسين عاماً. فبتعريض أنفسهم لمخاطر شخصية كبيرة، سيتطوع المشاركون لأخذ خطوة ليست بالصغيرة نحو المجهول، على أمل أن يحقق ذلك قفزة عملاقة لمجتمع داء هنتنغتون ككل.

سنقوم بنشر المزيد من الأخبار والمستجدات حول هذه التجربة وغيرها من تجارب خفض مستوى بروتين هنتنغتين مع تقدّمها.

تصرّح آنا فالزر عن عدم وجود تضارب في المصالح. تم توظيف الدكتور إد وايلد من قبل كلية لندن الجامعية ويعمل مع العديد من الشركات التجارية لمساعدتهم في تطوير علاجات لداء هنتنغتون: قام بعمل استشاري أو تلقى فريقه تمويلاً بحثياً من شركة روش وويف لايف ساينسيز ويونيكيور وميتوكونيكس وتريبليت ولوكوس23. كما أجرى فريقه تعاوناً بحثياً غير مدفوع الأجر مع شركة يونيكيور، موضوع هذه المقالة. وليست لديه أي مصلحة مالية في نتائج هذا البرنامج العلاجي. ... لمزيد من المعلومات حول سياسة الإفصاح الخاصة بنا، أنظر الأسئلة المتكررة